Translate

الاثنين، 24 مارس 2014

الحياة و الموت

غريب أمر هذه الحياة ، و أغرب منها علاقتنا بها ، و على الرغم من كثرة ما كتب عنها و حولها تضل فيها حالة من التناقض و التعقيد و الغموض الشيء الكثير .


         فكلما مكثنا في الحياة زمنا أطول تشبثنا أكثر و أشد ، و كلنا نتذوق طعم الحياة ، و قد زعمنا لأنفسنا أننا خبرناها ، ولكن
قد قلت الجرأة و فترة الحماسة و زاد التردد و تعمق الحساب ، ثم نسمي خوفنا هذا حكمة و حذرا و معرفة .


         فمثلا عندما يتوفى شخص عزيز على قلبنا نجد أن مذاق الحزن و وقعه كان غير ما نتجرعه من أحزان بعد ذلك ...


         و تمضي السنون ، و ننضج ، و تزداد خبرتنا ، و معرفتنا للناس ، و اكتسابنا للأصدقاء ...


         و في سنواتنا الأخيرة تبدأ صدمتنا بالموت المفاجئ  و الرحيل بغير موعد و لا ترقب لكثير من الأصدقاء ، و نكتشف أن الحزن الداخلي يدوم طويلا ، و أن مذاقه يظل عالقا بالفم ، و أن مساحة الأسى تزداد ؛ و أتسائل مع كثير من الأصدقاء :     ما بالنا نصطدم بالحزن ، و نتوجع منه كل هذا التوجع ؟ و ما بال الأسى يشدد وطأة ضغطه على القلوب ؟ أليس المفروض أن تقدمنا في
السن كفيل بأن يجعلنا أكثر دراية بهذه الدنيا ، و أكثر تقبلا لقوانينها ؟


         أتصور أن العكس صحيح ، فكلما مكثنا في الحياة أطول أدركنا أن هناك أياما تستحق أن تعاش ، و أن هناك مؤجلات كثيرة لم نصل إليها .


         في العشرين نقول لأنفسنا : الحياة ستأتي في الثلاثين ، و في الثلاثين نقول : لا ، هذا هو سن العمل و الكد و تحقيق الذات ، في الأربعين سنلتقي مع الحياة و عندما نبلغ هذا السن نقول : قليلا من الصبر ، هذا سن تحقيق الطموحات ، وبوصولنا للخمسين نلتفت ورائنا فندرك أن الحياة مرت في كل ما سبق ... و لأنني أدرك أن هناك عقودا قادمة تنتظرني إن شاء الله ، سأرجئ فيها الحياة أيضا مثل الكثيرين ، و أتمسك بكل ما هو جميل فيها مدركا أن هناك صداقات يجب أن أرعاها ، و مودة علي أن أصلها ، و أمسيات رائعة أستمتع بها ، و أفكارا أنشرها و أحلاما أحاول أن أحققها قبل أن يسرقني الموت ، السارق الأكبر ، بدون أن أنسى ديني مع دنياي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق